كتاب جدلية الخطاب والواقع

يحيى محمد

الفلسفة والمنطق

كتاب جدلية الخطاب والواقع بقلم يحيى محمد..يقوم هذا الكتاب على على التنظير لنظام جديد من التفكير المنهجي في قبال ما تعارف لدينا من نُظم الفكر الإسلامي التي أثبت ‹‹الواقع›› خللها، وهي عبارة عن نظامين معرفيين أساسيين سبق أن أطلقنا عليهما النظام الوجودي (الفلسفة والتصوف) والنظام المعياري (كما في علوم المتشرعة من الفقه والكلام وغيرهما). وليكن القارئ الكريم على علم بأننا حينما نعطي للمضامين المعرفية مساحة للبحث، إنما نستهدف من ذلك خدمة البحث المنهجي. فلسنا بصدد دراسة العلوم الإسلامية ومذاهبها بقدر ما نهدف إلى طرح منهجي يعمل على توجيه هذه العلوم. والعلاقة بينهما كالعلاقة السائدة اليوم بين العلوم الطبيعية من جهة، وبين فلسفة هذه العلوم أو مناهج البحث فيها من جهة أخرى.


وسنبرز دور الواقع في فهمنا للقضايا الإسلامية على نحوين مختلفين؛ يتمثل أحدهما بالحقيقة الموضوعية الدالة على أن لتحولات الواقع وتجدداته تأثيراً كبيراً على تغيرات فهم النص الديني، وهو أمر لا يستند إلى منهج محدد، بإعتباره يمثل حقيقة خارجة عن الإرادة التصورية لذهن الباحث، وقد اعتبرناه من السنن الموضوعية كما في كتابنا (منطق فهم النص). أما الدور الآخر فيتمثل بتوظيف حركة الواقع ومضامينه بإتجاه فهم النص، ومن ذلك الأخذ بعين الإعتبار العلاقة التي تشدّهما ببعض منذ أن إلتقيا في عصر الرسالة أو تنزيل الخطاب الديني. وعليه فهذا الدور يستند إلى منهج محدد يقوم على الرصد والوعي والمتابعة.

والغرض من هذا البحث هو إعادة ترتيب العلاقة بين النص والواقع وسوقها في الطريق السليم، وذلك بقلب التصور التقليدي الذي يجعل من ‹‹النص›› أصلاً يُلجأ إليه لمعرفة الواقع وحل معضلاته، إلى تصور آخر مضاد يكون فيه الواقع مرجعاً يُحتكم إليه في فهم النص وحل إشكالياته. ولعل هذين التصورين المتغايرين يعبّر كل منهما بطريقته الخاصة عن شكل الأزمة وطريقة علاجها. إذ تتمثل الأزمة بحسب التصور الأول بالواقع دون أن يكون للنص فيها دور أو دخالة، على عكس التصور الآخر الذي يذهب إلى أنها محددة - من حيث الأساس - بفهم النص ومن ثم أفضت إلى أزمة واقعية. 

شارك الكتاب مع اصدقائك