كتاب فلاسفة قرطاج

فتحي التريكي

الفلسفة والمنطق

كتاب فلاسفة قرطاج بقلم فتحي التريكي..و ها نحن نقدم للقارئ في هذا الكتاب نتائج أعمالنا فيما يخص الفترة الأولى، فترة قرطاج التي تتسم بعمق مواضيعها بما أنها واصلت عملية التفلسف التي بدأت فيها أثينا، فاهتمت بالمسائل التي اهتمت بها السفسطائية الثانية ـ حتّى و لو أن بعض مؤرخي الفلسفة قد اعتبروا أنها فترة انحطاط الفلسفة و تراجعها ـ و هي مسائل اجتماعية و قانونية وجّهت الفكر نحو تطوير الخطابة و البلاغة في فترة أولى و نحو مسائل عقديّة تهتمّ بالخلق و بالشأن الدينيّ في فترة ثانية عندما بدأت المسيحية تنتشر في قرطاج.

و السؤال المطروح هل نستطيع أن نتحدث عن فلسفة في تونس إذا علمنا أن الفترة الأولى، فترة قرطاج، كانت تهيمن عليها اللاهوتيات المسيحية بينما هيمنت في فترة القيروان الصبغة الدينية الإسلامية. أما ما قدّمه المصلحون في الفترة الأخيرة، فهو لا يعدو أن يكون سوى أفكار تحديثية مهمة لا محالة و لكنّها تفتقد للتنسيق و أحيانا للتنظير. ذلك ما جعل المفكرين يذهبون إلى اعتبار فترة استقلال تونس في أواخر الخمسينات، هي الفترة التي شهدت مولد الفكرة الفلسفي الحقيقي عندما تمّ إدراج الفلسفة في برامج التدريس في التعليم الثانوي بكل المعاهد التونسية.
لا نشكّ في وجاهة الأطروحة الأخيرة لأن التفلسف التقنيّ الذي يعتمد النظريات الفلسفية الكبرى كان نتيجة حتمية لتدريسها في الثانويات و في الجامعة التونسية بداية من سنة 1963. كما لا نشكّ أن توسيع الاهتمام بها من حيث هي فكر مستقل بذاته في الأوساط الثقافية الواسعة كان نتيجة تعريبها و تدريسها باللغة العربية في المدارس و الجامعات سنة 1976. و مع ذلك فإننا نقرّ بكلّ إلحاح أن بداياتها الحقيقية كانت في الفترة القرطاجنية و هذا الكتاب بين أيدينا يحاول تدعيم هذه الفكرة. لأنّ التفلسف قد أخذ أنماطا متعدّدة و متتالية و هو في ذلك عود على بدء و استئناف لقضايانا و دراستها بآليات متجددة تنتجها تطورات الفكر و العلم و التكنولوجيا.

شارك الكتاب مع اصدقائك