كتاب نانسي ليست كارل ماركس

حازم صاغية

الفكر والثقافة العامة

كتاب نانسي ليست كارل ماركس بقلمحازم صاغية..ما الذي يجمع بين نانسي عجرم وكارل ماركس في كتاب واحد؟ لماذا يحتلّ اسماهما العنوان الرئيس وصورتهما غلاف الكتاب بلونه الزهري الفاقع؟ في الواقع هذا أوّل ما يتبادر إلى الذهن عند رؤية كتاب حازم صاغية الجديد «نانسي ليست كارل ماركس». وهذا التساؤل المريب الذي يجتاح القارئ منذ الوهلة الأولى يشلّ حركته الإستنتاجية بالكامل إلى أن يضطر لقراءة الكتاب الضخم الذي يقع في ٣٥٦ صفحة من القطع الكبير. عندها فقط يعرف أنّ الكتاب في الأصل لا يقوم على أية مقاربة بين الإسمين اللذين يتباعدان في الجنس والنوع والزمان والمكان...

فالكتاب عبارة عن مقالات منفصلة كتبها الصحافي والباحث اللبناني حازم صاغية في جريدة «الحياة» لإعطاء صورة بانورامية للواقع العربي عبر أسلوبه التهكمي المعروف.
واستُهلّ الكتاب بمقالة بعنوان «نانسي عجرم» يصف فيها المطربة الشابة كرمز للواقع الفني العربي الحالي باعتبارها «كوكيت تحلّ في القلب انطلاقاً من الخطأ الذي تقوله أو ترتكبه، فتبدو بسببه مهضومة، وليس من الصواب الذي ينوء عليها بثقل الظلّ والوطأة.
والحال أنّ الفتاة التي أرادت لنفسها أو أُريد لها، المكث بين الثانية عشرة والثامنة عشرة، وهي السنّ المثلى في حالة نانسي، يصحّ فيها ما قالته العرب قديماً في الشعر عندما جعلت أعذبه أكذبه...». وكذلك يرى أن عمليات التجميل التي أجرتها نانسي لم تمحُ البراءة من وجهها ولم تجعلها إمرأة مثيرة بقدر ما ظلّت طفلة صغيرة تزداد طفولة كلّما ضحكت. إلاّ أنّ تقويمه الإيجابي لنانسي الفنانة- الظاهرة لم يمنعه من تمرير رسالاته الضمنية التي تُدين «زمن العولمة الرديء» الذي لم يبخل في بسط رداءته على الفن أيضاً.
وعن الفنانات الشابات اللواتي يُمثّلن أيقونات الفن اليوم يقول صاغية «إنّ القلق الذي يُرتّبه انسحار الجماعات بهنّ يواكبه قلق أكبر من هجوم المثقفين عليهنّ وعلى زمن العولمة الرديء وأدوات اتصالها وانحطاطها. وهو نقد من غير أن يُشير إلى اعراضنا الأعمق، لا يبدي المناعة المتوقعة حيال شاشات التلفزيون (العولمية) ولا يتعفّف عنها.
هنا يوضع النقد في الثلاجة وتسترخي أنا الناقد المناهض للعولمة لتدليك متواصل. أمّا هي (وهنا يقصد نانسي) فربما رطّبت حلقها في مواجهة جفاف المثقفين، بجرعة كوكا كولا التي ترعى حفلاتها وترتبط معها بعقد إعلاني. ذاك أنّ ما يشغل نانسي، على ما روت في إحدى مقابلاتها، هو أن تقف أمام المرآة وتُمثّل كليباتها. فعندما تقع عينها على نفسها تقول«يسلملي ما أهضمني» وتضحك...».
ومن ثمّ ختم صاغية كتابه بمقالة عن كارل ماركس بعدما عرض مقالات عديدة عن عبد الحليم حافظ وعمرو دياب وإديث بياف ومحمد علي كلاي وهيلاري كلينتون وماكدونالدز والسيجارة وأحمد فؤاد نجم وفضائيات العرب وغيرها... هكذا كان الربط بين نانسي عجرم بطلة المقالة الأولى وكارل ماركس بطل المقالة الأخيرة من الكتاب لعبة ذكية تقصدّها صاغية في عنوانه لإضفاء المزيد من الجاذبية والدهشة والتهكّم ربما…
 

شارك الكتاب مع اصدقائك