كتاب وجودنا وكياننا في المسيح في فكر القديس كيرلس الكبير

رهبان دير القديس أنبا مقار

الأديان

كتاب وجودنا وكياننا في المسيح في فكر القديس كيرلس الكبير بقلم رهبان دير القديس أنبا مقار..إن بولس الرسول هو أول من تكلم عن علاقة المسيح الكيانية بكل واحد منا بصفته آدم الثاني أصل الجنس البشري الجديد. فكما أن البشرية كلها كانت في آدم الأول لما أخطأ حتي أنطبق علينا جميعاً حكم الطرد والموت: "وهكذا اجتاز الموت إلي حميع الناس بالذي جميعهم أخطأوا فيه" (رو12:5). كذالك أيضاً كنا جميعاً في المسيح في برَّه وصبره علي الألم والموت وطاعته لأبيه وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب: "وهكذا ببرِ واحد صارت الهبة إلي جميع الناس لتبرير الحياة." (رو18:5).

وقد أهتم آباء الكنيسة علي الخصوص بإبراز هذه العلاقة الكيانية التي تربطنا بالمسيح حتي جعلوها أساساً لكل تعاليمهم الروحية عن الخلاص وعن التجسد.
فمثلاً نسمع القديس أثناسيوس الرسولي يقول [إنه لما اغتسل الرب في الأردن كإنسان كنا نحن فيه ومعه الذين نغتسل، وحينما اقتبل الروح نحن الذين كنا معه مقتبلين هذا الروح] (ضد الأريوسين). كما يقول أيضاً بخصوص الصعود إن المسيح لم يصعد من أجل نفسه بل [من أجلنا نحن الذين كان يحملنا في جسده] (تجسدالكلمة6:25).
وبالأجمال يصيغ هذه الحقيقة في صيغة قانون لاهوتي عام قائلاً: [إن كل ما كُتب فيما يختص بناسوت مخلصنا ينبغي ان يعتبر لكل جنس البشرية] (الدفاع عن هروبه13.
أما القديس كيرلس الكبير عمود الدين فهو بلا شك أكثر من أوضح هذه الحقيقة، وكشف عن اساسها اللاهوتي العميق، وامتد بها حتي جعلها شاملة لكل الحياة الروحية كما سنري. ولا غرابة في ذلك، فهو الذي جاهد للدفاع عن وحدة ناسوت المسيح بلاهوته، وحيث أن ناسوت المسيح هو الذي يمثل وجود البشرية، أي وجودنا نحن في شخص المسيح الواحد، فقد انعكس جهاده الاهوتي علي نعليمه الروحي في صورة تركيز شديد علي وجودنا نحن في المسيح في جميع أسراره.
وقد أجملنا تعاليم القديس كيرلس الخاصة بعلاقتنا الكيانية بالمسيح تحت ثلاثة فصول:
الفصل الأول: وجودنا الكياني في المسيح في جميع اسرار حياته، في موته وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب وقبوله الروح القدس وبنوته لله أبيه واكتسابنا لبعض صفاته الفائقة.
الفصل الثاني: الأساس اللاهوتي لوجودنا الكياني في المسيح، وهو يرتكز أصلاً في سر التجسد، اي سر الأتحاد الأقنومي بين لاهوت المسيح وناسوته. ذلك الاتحاد الفائق الذي يعتبر بحق ينبوع جميع الخيرات التي تنسكب علينا من المسيح [لأن جميع الخيرات إنما بواستطه تتدفق نحونا].
الفصل الثالث: وسيلتان لتوثيق علاقتنا الكيانية بالمسيح:
وهما الإفخارستيا، أي سر الشركة.
والروح القدس، أي روح الشركة. 

شارك الكتاب مع اصدقائك